مواد المؤتمر: https://bit.ly/3UhwoNJ
اختتم مركز مساواة مؤتمر المكانة القانونية للجماهير العربية الفلسطينية، الذي عقد يوم الجمعة 2.12.2022 في مدينة الناصرة، بحضور حوالي 200 مشارك ومشاركة. وقد تخلل المؤتمر عشرات المداخلات بثلاث محاور. افتتحت المؤتمر الطالبة الجامعية والناشطة بالمجموعات الشبابية براءة عروق، تأكيدًا من مركز مساواة على الدور الهام للجيل الشاب في المرحلة القادمة.
ثم رحبت السيدة سهى سلمان موسى المديرة التنفيذية لمركز مساواة بالحضور المتنوع من مختلف فئات مجتمعنا مشددةً على أهمية حضور ممثلي السلك الدبلوماسي الأجنبي في البلاد، مما يظهر أهمية المواضيع التي يطرحها هذا المؤتمر محليا ودوليا. وأضافت أن العمل الجماعي والتراكمي والحوار بين كافة مركّبات مجتمعنا، بما فيها المؤسسات الأهلية والأحزاب السياسية، هو أمر أساسي ومطلوب في هذه المرحلة الحرجة من أجل حماية مجتمعنا وشعبنا.
افتتح السيد محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية كلمته مقدمًا الشكر لمركز مساواة، الذي يعكف على تنظيم مؤتمر المكانة القانونية، والذي تحول لمنصة مركزية لبحث معمق خارج الروتين السياسي من أجل بلورة رؤى استراتيجية، موضحًا الحاجة للثقة بالنضال الشعبي طويل النفس والتمسك بالثوابت السياسية والوطنية، المساواة القومية والمدنية وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني. مشددًا أنه من واجبنا وضع قضيتنا على المنصة الدولية والبحث والعمل مع حلفاء محليًا ودوليًا.
أدارت الاعلامية شيرين يونس المحور الأول للمؤتمر. قدم مدير مركز مساواة جعفر فرح في بداية الجلسة، سيناريوهات متوقعة من سياسة الحكومة الجديدة وحذر من أن الحكومة القادمة ستعمل على إخراج مؤسسات حقوقية وتمثيلية، مثل لجنة المتابعة، خارج القانون وستعمل على ملاحقة مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الثقافية. وأكد على أهمية الاستعداد للمرحلة الجديدة من قبل القيادات السياسية والسلطات المحلية والمؤسسات الأهلية والشعبية.
الباحثة في تاريخ العمل السياسي الفلسطيني في اسرائيل بفترة الحكم العسكري ميسون ارشيد استعرضت النقاش الاسرائيلي حول تعريف المجتمع العربي بعد النكبة حيث رفضت السلطات الإسرائيلية الاعتراف بالأقلية الفلسطينية في إسرائيل كمجموعة قومية لها حقوق جماعية واعترفت بهم كمجموعة من الطوائف لها بعض الصفات المشتركة.
مخطط المدن ورئيس سابق لبلدية رهط د. عامر الهزيل أكد أن الحديث اليوم عن كل فلسطين التاريخية حيث أن اسرائيل دفنت مشروع الدولتين وأننا بصدد دولة ابرتهايد بين النهر والبحر. ونوه الى أن الحكومة القادمة ستحاول إنهاء الصراع، لذا علينا كشعب فلسطيني وضع استراتيجية مشتركة بين جميع أبناء الشعب الفلسطيني ووضع استراتيجية خاصة بالـ 48. خاصة أننا سنواجه حكومة أكثر دموية مما يحتم علينا ان نكون على أتم الجهوزية للمرحلة القادمة.
المحامي قيس ناصر الخبير بقوانين التخطيط والسكن أن هذه الأيام تشهد مرور 5 أعوام على قانون كامينتس الذي اعتبره قانون خطير، سن خصيصًا من أجل ملاحقة المجتمع العربي في مجال التخطيط والبناء. اذ تم دفع مخالفات بقيمة 100 مليون شيكل من قبل المواطنين العرب، بحجة البناء الغير مرخص. وأضاف أن هناك منظومة لا تريد العرب اذ تهدف للفصل العنصري بين العرب واليهود في السكن حيث انه يتم العمل على بناء أحياء لليهود واحياء للعرب في المدن المختلطة. كذلك، أشار الى أنه سيتم بناء شارع عام في النقب، ومن المخطط أن يتم منع عرب النقب من المرور في هذا الشارع.
بروفيسور محمود يزبك أكد أن القضية الأهم والصراع الأساسي هو بين الهوية الوطنية الفلسطينية للمواطنين العرب وطبيعة وجوهر الدولة اليهودي. ورغم الخلافات السياسية التي بين الأحزاب يجب التفكير بالمستقبل وتوحيد الجهود حول ما يجمعنا جميعا وهو الهوية الوطنية.
المحامي مضر يونس رئيس لجنة رؤساء السلطات المحلية العربية ورئيس مجلس عارة- عرعرة أشار الى أن الحل لمشكلة التخطيط والبناء هو البناء على أراضي الدولة. لكن، الحكومة تسعى لحصر البلدات العربية والتضييق عليها واغراقها بالعنف وعلى الجميع أخذ دوره لمواجهة المرحلة القادمة. القيادة ليست وحدها من يجب أن تتحمل المسؤولية، فهنالك مسؤولية وواجب على الجمهور، وعلى القيادات الاستثمار برفع الوعي.
المحور الثاني للمؤتمر تمحور حول الدروس المستفادة بين هبة الكرامة في أيار 2021 وهبة القدس والأقصى أكتوبر 2000 وقد أدار الندوة محامي نضال عثمان، نائب رئيس بلدية طمرة. عضو بلدية اللد السابقة مها النقيب اشارت الى أن النواة التوراتية هي من تسيطر على بلدية اللد. في هبة الكرامة، تم استقبال ميليشيات المستوطنات وفتحت لهم المؤسسات العامة. وقد فرض منع التجول على العرب وهاجم المستوطنين بيوتهم بحماية الشرطة وتم اعتقال الشباب العرب في اللد الذين قاموا فقط بالدفاع عن بيوتهم.
المحامية اماني ابراهيم والتي ترافعت خلال هبة الكرامة عن المعتقلين، أشارت إلى كون طلبات تمديد الاعتقالات تمت دون ذكر خلفية العمل وتحديد الشبهة التي تم توجيهها للمعتقل. الأمر الذي يعتبر خطأ قانوني ويحمل هذا التعامل خلفية سياسية. بالاضافة لاستخدام قانون مكافحة الإرهاب لأول مرة وخطورته لا تقتصر على موضوع الاعتقال الإداري، بل أيضا في طلبات تمديد الاعتقالات. وأضافت إلى أن نواة المحامين المدافعين عن المعتقلين بدأت تكبر في هبة الكرامة وتم توزيع اللجان والمناطق وتنسيق العمل. التجربة كانت مميزة وكانت جزء هام من الحراك الشعبي في الشارع. كما أن دور المحامين كان له انعكاس على تشكيل لجان متخصصة بمختلف المجالات، مثل اللجان التي أقيمت لتوجيه العمال وحقهم في الإضراب.
المحامية ناريمان شحادة زعبي اشارت إلى أنه حتى اليوم لا يوجد معرفة وحصر لعدد المعتقلين في هبة الكرامة كما وأكدت على أهمية إجراء بحث عميق حول ما حدث وعدم الاعتماد فقط على معطيات مؤسسات الدولة. وأشارت إلى أهمية توثيق الانتهاكات التي كانت ضد المواطنين العرب وعنف أفراد الشرطة وتعاملهم بدموية داخل محطات الشرطة ضد المعتقلين في الناصرة ومحاولة منع المحامين من الدفاع عن المعتقلين.
المحامي خالد زبارقة أكد أن الهجوم على المدن المختلطة من جماعات النواة التوراتية كان مخطط له، والشرطة لم تحرك ساكنا. وأكد أن أحد أهداف هذا الهجوم هو تعريض المجتمع العربي لصدمة خوف كما حدث في العام 1948. وقد أشار الى أنه في الماضي لم يكن هنالك محاسبة لأفراد الشرطة وبعد احداث ايار لم يعد هناك محاسبة للمواطنين اليهود الذين اعتدوا على المواطنين العرب. إذ تم إغلاق جميع ملفات الشكوى المقدمة ضد مواطنين يهود اعتدوا على مواطنين عرب، أبرزها قضية الشهيد موسى حسونة.
المحامي الجنائي ماهر تلحمي اوضح ان الفرق بين تعامل الشرطة في العام 2000 والعام 2021 هو بطرق التطويق. المظاهرات في العام 2000 تعرضت لوجود قناصين واستخدام كبير للرصاص المطاطي والحي. بعد ذلك أوصت لجنة اور بأن لا يستخدم الرصاص الحي والمطاطي وبالفعل هذا ماحدث في الهبة الأخيرة. لكن، بالمقابل كان هنالك حملات اعتقالات واسعة من الشرطة ومن استخدم الرصاص هو المستوطنين. واشار الى انه بعد صعود بن غفير سيتم إزالة القيود عن أفراد الشرطة وأن يكون هناك كتائب من قوات حرس الحدود لا يوجد لها تحديد قواعد إطلاق النار في المجتمع العربي وهذا ما نراه في المناطق المحتلة.
المحامي احمد خليفة شدد على أنه في إسرائيل هناك عنصرية مقوننة وعنصرية تمارس ويجب التعامل معها بهذا الشكل لكن لا يوجد منظومة خالية من الثغرات وعلينا استغلال هذه الثغرات. كما شدد أنه لا يمكن الهروب من الواقع وعلينا وضع تصوّر استراتيجي للمرحلة القادمة خاصةً أمام التغييرات السياسية التي تحدث في الشارع الإسرائيلي من تفشي العنصرية والفاشية, لذلك هناك ضرورة لوضع أولويات وفهم المرحلة وتقييمها إضافةً لتقييم جدي لهبة الكرامة كما وتحدث خليفة عن لوائح الاتهام وتعامل النيابة العامة مع الملفات حسب قوانين مكافحة الإرهاب .
المحامي شحدة بن بري اعتبر انه تم خسارة المعركة الاعلامية محليا في هبة الكرامة 2021، على العكس من هبة اكتوبر 2000. وهناك تغييرات كبيرة تحدث في المؤسسة القضائية في السنوات الاخيرة، حيث تم تعيين العشرات من القضاة الذين كانوا سابقًا قضاة في المحاكم العسكرية، إضافةً لتعيين قضاة من مستوطنات الضفة الغربية. وأشار الى عدم تعيين قضاة عرب في محاكم النقب خلال اخر عشرين سنة.
المحامي محمد لطفي أكد أن الفترة القادمة تتطلب منا جهد أكبر لذا علينا العمل على اقامة جسم قطري يكون مسؤول على تمثيل المعتقلين والمعتدى عليهم خلال الهبات الشعبية. وحان الوقت لإقامته ومتابعة تقديم دعاوى ضد أفراد الشرطة الذين يعتدون على المتظاهرين، ومن المهم أن يكون هذا الجسم تحت إطار لجنة المتابعة .
افتتح وادار المحور الثالث في المؤتمر حول التغييرات الدستورية وتعيين عرب في الجهاز القضائي، عضو ادارة مركز مساواة المحامي ألبير نحاس، الذي أشار الى أنه علينا فحص جدوى تعيين القضاة العرب ودورهم مقابل العملية التشريعية.القاضي المتقاعد توفيق كتيلي تحدث حول المتطلبات الأساسية لتعيينات في جهاز القضاء أبرزها الخبرة والنزاهة وأن لايكون للقاضي أي سابقة جنائية كما وتحدث عن التوازن في لجنة التعيينات المكونة من وزراء وأعضاء كنيست ومندوبين عن نقابة المحامين والقضاء. لكن خطورة ما هو متوقع أن يحدث في الفترة القادمة أنَّ هذه التركيبة ستتغير إذ سيتم العمل على تغييب نقابة المحاميين والأخطر أن التغييرات التي ستحدث في تعيينات القضاء ستتم على أساس دوافع سياسية وليست مهنية.
الباحثة والمحامية بانة شغري اشارت ان فترة الحكم العسكري وما بعد النكبة سلبت منا أي تأثير فعال على صنع القانون بالمعنى الجوهري للمساواة والعدل. حتى العام 1969، لم يكن هنالك سوى 27 محامي عربي وفي العام 1966 عينت أول محامية عربية امرأة في البلاد، وحتى أواخر 1989 عينت 16 محامية . القفزة النوعية هي أن ثلث المحامين العرب اليوم هن من النساء. كما وأشارت إلى كون نسبة الفلسطينيين في اسرائيل من مجمل السكان لا تنعكس في المؤسسات الحكومية وجهاز القضاء حيث أن نسبة العرب كانت 10% في في العام 2007 وتراجعت خلال بضع سنوات إلى 7%. كما وأكدت على أن هنالك نوعين من التمييز في المؤسسات الحكومية وهما التمييز العنصري الواضح على أساس قومي إضافةً للتمييز على أساس جندري.
د. منار محمود تحدثت عن بند التغلب المطروح على الأجندة السياسية، خاصة بعد انتهاء الانتخابات وصعود قوة الأحزاب المتشددة. واشارت الى انه يمكن ان يتم من خلال سن قانون أساس التشريع والذي له أهمية كبيرة، إذ أنه سيحدد الخصائص الدستورية للنظام. "فقرة التغلب" ستمنح فرصة للسلطة التشريعية بأن تسنّ قوانين تتجاوز وتتغلب على القيم الدستورية التي حددتها قوانين الأساس. خاصة "قانون الأساس حرية العمل" و "قانون أساس كرامة الإنسان وحريته". هذا يعني نزع صلاحية المحكمة العليا لإلغاء وإبطال القوانين التي تتعارض مع المبادئ الدستورية وإعطاء الكنيست إمكانية تجاوز تفسير المحكمة. ويعتبر هذا تدخل في عمل القضاء وبالتالي انتهاك واضح لمبدأ الفصل بين السلطات. وخطورة بند التغلب على الأقلية الفلسطينية يكمن في منح السلطة التشريعية استخدام آليات تمكنها من سن قوانين تنتهك الحقوق الفردية والجماعية، خاصة على ضوء نزع صلاحية المحكمة العليا لإلغاء القوانين.
بروفيسور محمد وتد أكد أن هناك تهجم كامل وممنهج ضد محكمة العدل العليا والجهاز القضائي. يمكن أن ننتقد المؤسسات القضائية ولكن يجب ألا تنزع الشرعية عن الجهاز القضائي. وشدد أنه علينا عدم اتباع نهج اليمين في الهجوم على سلطة القانون لأننا كأي أقلية قومية ملاذنا الوحيد هو سلطة القانون حتى لو تكتيكيا.
عضو الكنيست المحامي يوسف العطاونة أشار الى أن السلطة التنفيذية هي عمليًا أقوى سلطة في إسرائيل وأن هناك محاولة من قبل الحكومة القادمة للسيطرة على الجهاز القضائي. وقد تطرق الى مسألة تعيين قضاة عرب في محاكم النقب مؤكدا أنه قبل 22 سنة تم تعيين آخر قاض عربي في محاكم النقب. على الرغم أن نسبة عرب النقب تتجاوز الـ 30% وأكثر من نصف المتقاضين بالمحاكم هم من العرب وحتى اليوم هناك قرى بدون ماء وكهرباء والمحاكم لا تسعفهم.
اختُتِم المؤتمر بعدد من التوصيات بينها:
- توجيه نداء لجميع الأحزاب والمؤسسات الفاعلة في المجتمع الفلسطيني في إسرائيل للعمل لخلق آليات عمل تتابع مخرجات المؤتمر بشكل عملي والتخلص من شعور الإحباط الذي يلازم الجماهير العربية منذ الانتخابات الأخيرة.
- تشكيل مجموعة عمل تحت سقف لجنة المتابعة العليا للتعامل مع سياسات الحكومة الجديدة والسيناريوهات المتوقعة منها تشمل الأحزاب السياسية، السلطات المحلية العربية، المؤسسات الاهلية والشعبية ومجموعة من الباحثين/ات.
- دراسة تعامل الجهاز القضائي مع المعتقلين العرب ومقارنتها مع التعامل مع الاعتداءات على عرب من قبل يهود والتوجه الى جهاز المحاكم والنيابة العامة بطلب وقف التعامل التمييزي بحق المعتقلين.
- تشكيل شبكة للمحامين العرب للتعامل مع حالات الاعتقالات الجماعية.
- تشكيل مجموعة عمل وتشجيع كتابة دراسات حول التغييرات الدستورية المخططة من قبل الائتلاف الحاكم.
- البحث عن تحالفات محلية للدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق الأقلية العربية الفلسطينية.
- التوجه المنظم الى المجتمع الدولي وتحميله مسؤولياته في منع انتهاك حقوق الانسان من قبل الحكومة القادمة.