سجل لقاء المستثمرين العرب الذي عقد مساء الجمعة في الناصرة، بدعوة من رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية محمد بركة، نجاحا لافتا، انعكس في حجم التجاوب والحوار البناء، لوضع أسس للتعاون الاقتصادي بينهم وبين المستثمرين في مناطق السلطة الفلسطينية. وخلق حالة دعم وتعاون متبادل بين المستثمرين ولجنة المتابعة العليا. وتم تشكيل لجنة لتخلص التصورات وتضع أسس العمل، وبضمنه عقد لقاء ثان قريب. واطلاق مبادرة فورية لدعم "المتابعة" ماليا، لاقت تجاوبا واسعا يثير الاعتزاز.
وكان رئيس المتابعة بركة قد بادر بالتعاون مع مركز "مساواة"، الى عقد لقاء مع المستثمرين في مجتمعنا العربي، في اطار السعي لوصول المتابعة الى مختلف قطاعات المجتمع. وشارك في اللقاء العشرات من المستثمرين العرب، ووفد فلسطيني ضم مستشار الرئيس الفلسطيني، والوزير د. كمال الشرافي. ورجل الاعمال منيب المصري. وعبد الحكيم فقها، مدير الشركات الصناعية- باديكو، وعضو لجنة التواصل د. محمد عودة، وآخرون. كما شارك في اللقاء النائب د. يوسف جبارين، ومدير عام "مساواة" جعفر فرح، وذوي اختصاص.
ثلاثة محاور للعمل
وافتتح رئيس المتابعة بركة كلمته مرحبا بالوفد الفلسطيني والحضور. وقال إن هذا لقاء أوليا في هذا المسار، ضمن سلسلة مسارات باشرنا، ومنها ما سنباشر بها تباعا، من أجل الوصول الى قطاعات متعددة ومتنوعة من مجتمعنا العربي، في سبيل مأسسة عملنا، وخلق حالة تعاون مجتمعية أوسع، تجعلنا أقوى في مواجهة التحديات، وبالأساس تحدي سياسة التمييز العنصري التي تهدف الى محاصرتنا كمجتمع كي نبقى مجتمعا ضعيفا، أمام مؤسسة سياسية واقتصادية قوية.
وقال بركة، إن حجم الاقتصاد الإسرائيلي وامتداده العالمي، يزيد من الضغوط على اقتصادنا المحلي، وعلى المستثمرين العرب في نشاطهم الاقتصادي المحلي وأيضا الخارجي. فرغم كل ما نشهده من حصار ونهج اضعاف مجتمعنا اقتصاديا، فإنه لدى كل توتر وتصعيد تصدر التصريحات العنصرية الداعية لمقاطعة أسواقنا العربية، ولا تجد مكانا في العالم منتج يقاطع مستهلكين محللين، ولكن هذا حال العنصرية الاسرائيلية.
وقال بركة، إن الهدف من هذا اللقاء، هو الانطلاق بالعمل في ثلاث محاور: أولا خلق حالة تعاون بين قطاع المستثمرين في مجتمعنا العربي، مع الأشقاء في دولة فلسطين المحتلة، وتعزيز التعاون الاقتصادي على المستوى المحلي وأيضا الاقليمي، كوننا محاصرين أيضا اقليميا، فهناك من ينظر الينا كاقتصاد اسرائيلي، إلى جانب العمل على كسر الحواجز أمام انخراط أكبر في الاقتصادي المحلي.
وثانيا: وضع آليات لزيادة استفادة المستثمرين في مجتمعنا من الميزانية الحكومية العامة بما تشمل من بنود دعم للقطاع الخاص، ومنه ما هو مخصص للمجتمع العربي. وثالثا، وضع أسس للتعاون والدعم المتبادل بين لجنة المتابعة العليا، وقطاع المستثمرين.
وقدم الوزير د. كمال الشرافي تحية الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقال إن الرئيس يؤكد على أن السلطة الفلسطينية ستقدم كل ما هو مطلوب منها من أجل تسهيل عملية التعاون بين ابناء جانبي الشعب الواحد، إن كان على المستوى الداخلي وأيضا الخارجي.
دعم المتابعة
والقى رئيس الغرفة التجارية في الناصرة عامر صالح كلمة، أثنى فيها على مبادرة رئيس المتابعة بركة وجهوده في تقريب شرائح المجتمع الى لجنة المتابعة. وقال، إننا ننشط أمام قيود كبيرة على المستوى المحلي، وأيضا حينما نخرج الى العالم، فالعالم لا يتعامل مع أفراد، بل مع مؤسسات، وحينما يخرج المستثمر الى العالم يسألونه عن عنوانه، ونحن بأمس الحاجة الى عنوان كبير يساندنا، ولا يوجد أفضل من لجنة المتابعة العليا، إلا أن اللجنة بحاجة الى دعم منا، مساهمة في مأسستها، كي تكون قادرة على أخذ دورها بشكل أفضل، وعلينا أن نخرج من هذا اللقاء، بمبادرة واضحة لدعم لجنة المتابعة ماليا.
وقدم مدير عام مركز "مساواة" جعفر فرح، مداخلة تضمنت اضاءات حول جوانب عمل اقتصادي ممكنة مع المؤسسات القائمة في مجتمعنا العربي، وأولها السلطات المحلية العربية، وأيضا الاستفادة من مستجدات في الموازنة الحكومية العامة، في مجالات مختلفة، منها مشاريع البنى التحتية، مع تركيز خاص على تطوير مجال التخطيط للمشاريع، إذ أن السلطات المحلية العربية تتجه الى مكتب تخطيط في الشارع اليهودي، وهذا مجال عمل يصل الى عشرات الملايين سنويا. كما أشار فرح الى عدد من النقاط الواردة في "الخطة الاقتصادية لدعم المجتمع العربي"، ومن بينها ما يدعم استيعاب الأيدي العاملة العربية.
وكانت أيضا مداخلات قصيرة من عدد من المختصين، فقد قال النائب د. يوسف جبارين، من القائمة المشتركة، إن لجنة المتابعة العليا بحاجة الى ترتيب أوراقها من أجل إحداث قفزة في عملها، وهذا ما نلمسه في الأشهر الأخيرة، مع بدء رئيس المتابعة بركة مهامه. وشدد على ضرورة التعاون بين المستثمرين العرب، في اطار التعاضد الداخلي داخل مجتمعنا كأقلية قومية محاصرة في وطنها.
وقال المحاضر والخبير الاقتصادي د. سامي ميعاري، إن الاقتصاد الفلسطيني في مناطق السلطة محاصر في اتجاهين، ممارسات الاحتلال، وأيضا اتفاق باريس المبرم في نهاية التسعينيات، الذي يفرض قيودا وتبعية على الاقتصاد الفلسطيني، ويجب تعديل عدد من البنود فيه من أجل تحرير الاقتصاد أكثر. وتوقف ميعاري أيضا عند "الخطة الاقتصادية لدعم المجتمع العربي"، وقال إن البحث المعمق فيها يؤكد أن هذه الخطة لا تقدم أكثر من 1,5 مليار شيكل، كميزانية اضافية على مدى السنوات الخمس، رغم أن ما يحتاجه اليوم مجتمعنا، بموجب أبحاث، أكثر من 64 مليار شيكل من أجل سد الفجوات القائمة.
وطرح النائب السابق طلب الصانع، اقتراحات لشكل توسيع التعاون بين المستثمرين في مجتمعنا في الداخل، وبين المستثمرين في مناطق السلطة الفلسطينية، والاستفادة من تواصل السلطة مع العالم العربي.
حوار واسع
وشارك عدد كبير من المستثمرين المشاركين في الحوار، وطرحوا افكارا بناء على تجاربهم في نشاطهم الاقتصادي الواسع، إن كان على المستوى المحلي أو العالمي. وأكدوا على أهمية التعاون الاستثماري مع مناطق السلطة الفلسطينية. كما أكدوا بشكل خاص على أهمية التعاون مع لجنة المتابعة كمظلة سياسية جامعة في مجتمعنا العربي، وخلق علاقة تكاملية بين المتابعة والقطاع الخاص. وشارك في الحوار المستثمرون: عيسى خوري وكمال محاميد ووليد غريب وعماد تلحمي والمحامي مازن قبطي، وقاسم ابو الهيجا وكايد ابو عياش وعماد سلايمة ورؤيات مرعي وطارق عواد وسعيد دراوشة، ومن الوفد الفلسطيني المختص بمجال التقنيات العالية طاهر الديسي.
وقدم رجل الأعمال الفلسطيني منيب المصري، مداخلة هامة، حول أهمية وجود لجنة المتابعة العليا، والطفرة الحاصلة في الأشهر الأخيرة بمبادرات رئيس المتابعة بركة، لتعزيز التواصل والتعاون بين مجتمعي الشعب الواحد، كل بموجب ظروفه. وشدد على أهمية عدم المتابعة ماليا، ودور المستثمرين بذلك، كي تكون قادرة على أن تعمل كمؤسسة.
وطرح المصري أفكارا لكيفية تطوير الاقتصاد المحلي، وايضا سبل التعاون بين الجانبين. وأعلن عن استعداده لخلق ودعم تواصل بين المستثمرين في مجتمعنا العربي وأطر عالمية واقليمية، ومن بينها مؤسسة "التعاون"، التي تضم كبار المستثمرين الفلسطينيين من كافة أنحاء العالم، الذين تقدر حجم رؤوس أموالهم بمشاريعهم الاقتصادية بعشرات مليارات الدولارات؛ فالتواصل مع هذه الأطر من الممكن أن يعزز نشاط الاقتصاد المحلي.
لجنة والشروع بدعم المتابعة
وطرح بركة في نهاية اللقاء تلخيصا موجزا، للمداخلات والحوار الذي دار، ودعا الى دعم لجنة المتابعة ماليا، من خلال جمعية أصدقاء لجنة المتابعة، وهي جمعية منظمة ومسجّلة، وتعمل بالتنسيق الكلي مع لجنة المتابعة العليا.
وتقرر اقامة لجنة تضع تصورا للعمل المستقبلي، تضم المستثمرين: عامر صالح وعماد تلحمي ووليد غريب وقاسم ابو الهيجا وكايد ابو عياش وعماد سلايمة ورؤيات مرعي. وسيكون من مهمة اللجنة التحضير للقاء قريب، يتم فيها فحص الأسماء التي لم تشارك، أو حصل خلل في عدم وصول الدعوة لها.
ثم أعلن رئيس الغرفة التجاري في الناصرة عامر صالح، عن بدء فوري بتقديم التبرعات، إذ كان التجاوب كبيرا ومثيرا للاعتزاز.