بدعوة من مركز مساواة والمركز العربي للتخطيط البديل، بالتعاون مع اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية اقيم يوم الثلاثاء الأخير ورشة عمل مهنية قانونية في مركز مساواة في حيفا، حول عدد من القضايا الهامة المتعلقة بقانون التخطيط والبناء، وعلى رأسها التعديل الجديد التي تنوي الحكومة اجرائه في الفترة القريبة، استمرارًا لتوصيات لجنة كمينتس، التي اقامتها لفحص وتشديد عقوبات الهدم ضد البيوت العربية.
شارك في الاجتماع عدد من ممثلي الجمعيات والأطر الأهلية ورؤساء سلطات محلية، وافتتحت الورشة بكلمة ترحيبية من جعفر فرح مدير مركز مساواة، الذي اكد على اهمية التصدي للمحاولات الحكومية المتواصلة لضرب الوجود العربي، ومتابعة التعديلات الاخيرة التي تمت على قانون التخطيط والبناء وخاصة التعديل المتعلق بتسجيل الاراضي، الذي يسهّل عملية التسجيل.
وقدم الدكتور حنا سويد، المركز العربي للتخطيط البديل، مداخلة مهنية حول التعديل الجديد المقترح لقانون التخطيط والبناء، الصادر عن توصيات لجنة كمينتس، مؤكدًا على اهمية تعاون مختلف الجهات المهنية والسياسية والأهلية لمواجهة هذا التعديل، الذي يتطرق للفصل الخاص بالعقوبات والمخالفات، بهدف تشديدها ومضاعفتها، وكأن الحديث يدور عن مواجهة الجريمة المنظمة!
وقال سويد ان التعديل المقترح يتجاهل وجود مخالفات بناء في المجتمع اليهودي، التي تتم لأهداف اقتصادية ربحية، كما حدث في هولي لاند وغيره من المشاريع. بينما مخالفات البناء في المجتمع العربي تتم لتوفير الحق في المأوى. وأكد سويد ان تنفيذ القانون الجديد سيؤدي الى عقوبات كبيرة تطال نحو 50 الف بيت، وهو أمر جنوني ان تقوم الحكومة بهدم هذه البيوت، لذلك يجب التنبه الى عدم احالة هذا القانون على ما تم بنائه، والا يسري بالتقادم، والا يكون له فعل تراجعي، لنه يحوي بنود خطيرة جدًا تطال المستخدمين للبناء غير المرخص، وفرض عقوبات ضد الاستخدام وضد السكن في مبان غير مرخصة، ومضاعفة المخالفات بشكل مستمر. والأمر المستهجن هو تحميل المسؤولية الكاملة لمن يقوم ببناء بيت غير مرخص، وعدم اتاحة المجال لأي هيئة قضائية لتخفيف هذه المسؤولية، انما تجريمه بشكل كامل.
وأكد سويد على ضرورة تعامل السلطات العربية مع هذه القضية، والاستعداد لعرض خطة بديلة مهنية تهدف الى ترخيص البيوت غير المرخصة، وخاصة المهددة بالهدم. ويجب على رؤساء السلطات المحلية اخذ زمام المبادرة والاستعداد لمواجهة هذا الخطر القادم.
المحامية رغد جرايسي، مديرة وحدة الأقلية العربية في جمعية حقوق المواطن، تطرقت الى الربط بين الخطة الخماسية تنفيذ القانون المقترح الجديد، ورصد ميزانيات تتعلق بالأزمة السكنية وتدعيم اقسام الهندسة في السلطات المحلية العربية بتنفيذه. هذا القانون يتجاهل تقاعس الدولة عن القيام بواجبها، ويحفز السلطات المحلية على أخذ صلاحيات لتنفيذ أوامر الهدم من اجل الحصول على ميزانيات اضافية. كما ان القانون الجديد يقيّد صلاحيات المحكمة ويحد منها في التعامل مع الاوامر الادارية للهدم، بالاضافة الى تقييده لادارة الأمور القضائية وتحويل المسار القضائي الى مسار اجرائي بدون تفصيل حيثيات القضية بعدم اتاحة المجال للقضاة تبيين الحقائق والدوافع للقيام بالبناء غير المرخص. اي تحويل البناء غير المرخص الى جريمة تطال المهندس والمقاول وكل من شارك في عملية االبناء والتخطيط بالاضافة الى صاحب البناء.
وتحدث المهندس رامز جرايسي، رئيس بلدية الناصرة السابق، محذرًا من خطورة هذا الاقتراح، الذي سيطال شريحة واسعة من ابناء مجتمعنا، ويتجاهل ان الحق في المسكن هو حق اساسي يقع ضمن مسؤوليات الدولة لتنفيذه وتوفير المسكن لمواطنيها. ورفض جرايسي بشدة ارتكاز التعديل الجديد للقانون على العقوبات كمنطلق اساسي، وتجاهله للمعايير القائمة على ارض الواقع، وامكانية تسهيل وتمكين اصحاب البيوت من ترخيصها. واستعرض جرايسي بنود قانون التخطيط والبناء التي تبرز دور الحكومة وهيئاتها في تحضير مخططات البناء.
وأكد جرايسي ان تقاعس الدولة عن القيام بواجبها هو ما يضطر المواطن على البناء غير المرخص، وان هذا البناء بمجمله لا يأتي في مصلحة المواطنين والمجتمع. لكن الحل ليس كما يراه معدو هذا القانون، الذي يجب علينا ان نتحداه وان نطالب ونعمل من اجل زيادة مسطحات البناء، في مقابل تحمل المسؤولية ووقف البناء غير المرخص لفترة زمنية محددة. واقترح جرايسي مراجعة مبادرة اللجنة القطرية بهذا الخصوص، وتعديلها بما يتلائم مع الوضع الحالي لتكون ردًا على هذا القانون الخطير، واعداد مذكرة تشرح عن خطورة ما سيؤدي اليه تنفيذ هذا الاقتراح الحكومي، وتعميمها على مؤسسات حقوق الانسان والمؤسسات الدولية المختلفة.
وتحدث بعد ذلك سليم صليبي، رئيس مجلس مجد الكروم المحلي، ممثلاً عن اللجنة القطرية، حيث اكد على ضرورة التجنيد والتحشيد الشعبي لمواجهة هذا القانون، والتعاون مع اللجان الشعبية المحلية، واجراء اجتماعات تحضيرية لتعبئة الجماهير، والتنسيق مع اللجان والاطر المحلية لأخذ دورها في مواجهة هذا القانون.
وتحدث عبد عنبتاوي، مدير مكتب اللجنة القطرية، حيث اكد ان اللجنة القطرية اعادت تبني مبادرتها السابقة باجراء مسار خاص لترخيص البيوت العربية غير المرخصة، مع امكانية تعديلها بما تتطلب الاوضاع الجديدة. واكد على اهمية الاستعداد والتنسيق بين كافة المسارات القضائية والبرلمانية والمهنية، لن كل مسار لوحده لا يكفي. وان علينا الاستمرار في مقارعة الذهنية العنصرية التي تصعّد ممارسة الصراع الوجودي.
وتحدث فهمي حلبي، اللجنة المعروفية للدفاع عن الارض والمسكن، مؤكدًا على اهمية تعبئة السلطات المحلية والمجتمع لشرح القضية اعلاميًا، وتوضيح تفاصيل الغبن اللاحق بالمجتمع العربي للمجتمع اليهودي. وأكد حلبي على استعداد اللجنة المعروفية للتعاون وتجنيد اللجان الشعبية المعروفية لأخذ دورها في كل النشاطات الشعبية.
وتحدث المحاسب علاء غنطوس حول اهمية تجنيد شركاء متضريين من القانون الجديد، كرؤساء سلطات محلية يهودية ومؤسسات ناشطة في المجتمع اليهودي، لتشكيل حلقة ضغط فاعلة ضد هذا الاقتراح وتجنيد شركاء ضده.
وتحدثت المهندسة ملكة روحانا، مؤكدة على تقاعس وزارة الداخلية في وضع مخططات تفي باحتياجات البلدات العربية، والتقصير الكبير في عمل الدوائر الحكومية في كل قضايا التخطيط والبناء في المجتمع العربي.
وأكد جعفر فرح في تلخيصه على الاستفادة من تجربة يوم الارض الخالد في مواجهة هذا القانون، والاستعداد لتنظيم وتحشيد اللجان الشعبية، وبناء مجموعة عمل تقود الخطوات العملية المختلفة. كذلك أكد على اهمية اعداد رسائل باسماء رؤساء السلطات المحلية العربية لارسالها للوزراء ورئيس الحكومة لتنبيههم من اخطار هذا القانون العنصري، واعداد مذكرة باللغة الانجليزية لارسالها للمؤسسات الدولية.