طرح النائب د. يوسف جبارين، عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في القائمة المشتركة، على الهيئة العامة للكنيست مشروع قانون لضمان مساواة الثقافة العربية في توزيعة ميزانيات الثقافة، حيث ينص اقتراح القانون على مساواة الميزانيات التي يحصل عليها المجتمع العربي من وزارة الثقافة، بحيث لا تقل نسبة هذه الميزانيات عن النسبة العامة للمواطنين العرب بالبلاد، أي ان لا تقل حصة المواطنين العرب من ميزانيات وزارة الثقافة عن ال 20 % من اجمالي الميزانية المخصصة لذلك.
كما ويهدف القانون إلى تقييد وزيرة الثقافة واعتباراتها السياسية والحد من تدخلها في توزيع الميزانيات الثقافية خصوصًا في ظل نوايا الوزيرة اليمينية ميري ريچيف باشتراط حصول المؤسسات الثقافية العربية على ميزانيات "بالولاء لدولة إسرائيل وهويتها اليهودية".
وبالإضافة للبند الذي يقضي بضمان ميزانيات متساوية وملائمة لاحتياجات المجتمع العربي الثقافية، ينص اقتراح القانون أيضًا على الزام مجلس الثقافة والفنون في الوزارة بتقديم تقرير سنوي تفصيلي امام لجنة المعارف البرلمانية حول توزيعة الميزانيات السنوية وذلك على أساس سنوي.
وفي خطابه أمام الهيئة العامة للكنيست عرض النائب جبارين المعطيات الخطيرة التي كشف عنها مركز مساواة مؤخرًا حول شح الميزانيات التي تحصل عليها البلدات العربية من وزارة الثقافة والرياضة، حيث لا تتعدي الميزانيات المخصصة للثقافة العربية ال 3 % من مجمل الميزانية مما يعزز من احتياجات المجتمع العربي الثقافية والفنية التي لا تجد لها حاضنة وممول، نظرًا لسياسات التمييز العنصري ضد المجتمع العربي.
وقد أشار جبارين في خطابه إلى المسح الميداني الذي قامت به الوزارة في الآونة الأخيرة والذي أشار بوضوح إلى غياب الحياة الثقافية عن البلدات العربية، فكافة البلدات العربية لا يوجد بها أي متحف، كما أنه لا توجد أي كلية للفنون داخل البلدات العربية وتغيب النشاطات والفعاليات السينمائية عن البلدات العربية، كما وأن 80 % من البلدات العربية تفتقر إلى فعاليات "سلة الثقافة" الوزارية، كما وأن 92 % من البلدات العربية لا تحصل على دعم من قبل الوزارة للفنانين وفي 72 % من البلدات العربية لا توجد فعاليات تعبر عن الثقافة والفن الفلسطينيين.
وأكد جبارين في كلمته على أن مثل هذا القانون هو امتحان حقيقي للنواب الذين يتشدقون بالمساواة واحترام خصوصية الأقلية العربية الثقافية واللغوية، ومثل هذا القانون يندرج ضمن حق مساواة الجماهير العربية والاعتراف بهويتها الجماعية كأقلية قومية، وضمان حقها بتنمية هويتها الوطنية والقومية، رعاية وصيانة لثقافتها وحضارتها وتنشئة الأجيال الصاعدة عليها. ويسعى القانون الى تصحيح الغبن التاريخي الذي لحق بالجماهير العربية جراء سياسات التمييز البنيوية التي مارستها حكومات إسرائيل المتعاقبة على المستوى الثقافي.
وفي تعقيبها على اقتراح القانون الذي تقدم بها النائب جبارين، قالت وزيرة الثقافة ميري ريچيف بأنها ترفض مشروع القانون، وأنها غير مستعدة لقبول المعادلة بأن يحصل خمس المواطنين في الدولة على خمس من ميزانيات الثقافة.
وأشارت وزيرة الثقافة أنها تعمل من أجل زيادة منالية البرامج الثقافية لجميع المواطنين في الدولة ودعت ريچيف المؤسسات الثقافية العربية إلى تقديم طلبات للدعم "لأن الوزارة تنتهج سياسة التفضيل المصحح في توزيع الميزانيات للعرب والحريديم، للمؤسسات الموجودة في الأطراف وفي البلدات الموجودة في أدنى درجات السلم الاجتماعي- الاقتصادي". وقالت الوزيرة في جوابها أنها "تعمل من أجل تغيير معايير التمويل من خلال منح أفضلية للمؤسسات الثقافية التي تتجاوب مع المعايير المذكورة أعلاه من ناحية الخصوصية الثقافية واللغوية والاوضاع الاقتصادية - الاجتماعية وهذا من شأنه تحسين مكانة المؤسسات الثقافية العربية". كما وأشارت الوزيرة إلى قرارها "برفع عدد المؤسسات العربية التي تحظى بدعم كبير من الوزارة وإقامة مؤسسات ومراكز ثقافية لوائية تخدم احتياجات المجتمع العربي الثقافية".
وفي ظل قرار اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في بداية الأسبوع معارضتها لمقترح القانون، صوتت الهيئة العامة للكنيست على مشروع القانون، واسقطت غالبية اعضاء الإئتلاف الحكومي القانون، اذ صوت إلى جانب القانون 37 عضو كنيست بينما صوت ضده 45 عضو كنيست.
وتعقيبًا على نتائج التصويت قال النائب يوسف جبارين: إن هذا التصويت يثبت أن تعريف دولة إسرائيل لنفسها على أنها دولة يهودية يعني استمرار التمييز ضد الجماهير العربية وتعميقه أكثر على مستوى الرموز والموارد. كما وأكد جبارين أن هذا التصويت يعكس مميزات الخارطة السياسية في إسرائيل فميري ريچيف العنصرية تمثل الآن التيارات المركزية في إسرائيل وتريد ترسيخ رؤيتها في عمل الوزارات وتعاملها مع المجتمع العربي.
وأما مركز مساواة والذي يتابع جماهيريًا وقضائيًا موضوع التمييز ضد الثقافة العربية فقد اعرب عن خيبة امله من نتيجة التصويت على القانون ودعا إلى استمرار النضال البرلماني والشعبي والقانوني ضد التمييز الممنهج تجاه الثقافة الفلسطينية. وسيستمر مركز مساواة بالتعاون مع اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية باﻻجراءات القانونية ضد تمييز الثقافة العربية حيث الزم قضاة محكمة العدل العليا وزارة الثقافة بتقديم خطة عمل تتجاوب مع مطالب اﻻلتماس وتتعامل مع الفجوة القائمة في الميزانيات المرصودة للثقافة العربية. وقال السيد جعفر فرح، المدير العام لمركز مساواة: "الثقافة حق واقتراح القانون يساهم بطرح حقوقنا الجماعية. علينا تقديم الدعم السياسي والقانوني واﻻقتصادي للجهد الفردي والجماعي للانتاج الثقافي واﻻبداع الفني".