مركز مساواة : تقرير هيومان رايتس وتش هو ادانة لسياسة التخطيط الحكومية
طالب مركز مساواة الحكومة الاسرائيلية تبني تقرير مؤسسة حقوق الانسان الدولية هيومان رايتس حول سياسة التخطيط الحكومية تجاه البلدات الفلسطينية في الداخلية والذي صدر اليوم ووقف سياسة التمميز والسيطرة على الحق في التخطيط والسكن. وقامت المؤسسة بنشر تقريرها اليوم والذي يفحص سياسة التخطيط ببلدات جسر الزرقاء وقلنسوة وعين ماهل ويجري مقارنة بينها وبين بلدات مجاورة.
ويؤكد التقرير ان سياسة التخطيط "يزيد التضييق التحديات الاقتصادية والاجتماعية في جسر الزرقاء، فهي لا تضم أي منطقة صناعية، أو خدمات طوارئ صحية، أو مكتب بريد، أو مصرف، أو آلات الصراف الآلي التي تديرها المصارف، كما لا تضم سوى القليل من المنشآت أو المواقع العامة للترفيه. كذلك، تفتقر إلى البنى التحتية والخدمات الأساسية".
واعتمد التقرير على مواد وفرتها مؤسسات حقوق انسان ومقابلات مع عشرات الناس وكتبت حول الوضع في جسر الزرقاء "بحسب المنظمة الحقوقية "مساواة"، ومقرها حيفا، فإن أقل من ربع طلاب البلدة ينهون مرحلة التوجيهي، ومعدل حياة سكانها أقل من المعدل الوطني بـ 20 سنة".
قالت "هيومن رايتس ووتش" إن سياسة تضييق الخناق على التجمعات السكانية الفلسطينية تتخطى الضفة الغربية وقطاع غزة، لتطال الفلسطينيين في البلدات والقرى الفلسطينية داخل إسرائيل. تنحاز هذه السياسة إلى مصلحة المواطنين اليهود ضد مواطني إسرائيل الفلسطينيين (ويُطلق عليهم أيضا "عرب الداخل" أو "فلسطينيو الداخل" أو "عرب الـ 48"(، وتقيّد بشدة إمكانية وصول الفلسطينيين الى الأراضي بغرض السكن وإتاحة نمو سكاني طبيعي.
بعد عقود من مصادرة الأراضي والسياسات التخطيطية التمييزية، يعيش اليوم العديد من المواطنين الفلسطينيين محبوسين في بلدات وقرى مكتظة لديها مجال ضئيل للتوسع. من ناحية أخرى، تدعم الحكومة الإسرائيلية نمو وتوسع البلدات المجاورة ذات الأغلبية اليهودية، والتي شُيِّدَ كثير منها على أنقاض قرى فلسطينية دُمّرت عام 1948. كما توجد في العديد من البلدات اليهودية الصغيرة "لجان قبول" تمنع الفلسطينيين من العيش فيها.
قال إريك غولدستين، مدير قسم الشرق الأوسط بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "السياسة الإسرائيلية، على جانبَيْ الخط الأخضر، تحشر الفلسطينيين في أماكن مكتظة، بينما تمنح أراضٍ واسعة للبلدات اليهودية. هذه الممارسة معروفة جيدا في حالة الضفة الغربية المحتلة، لكن السلطات الإسرائيلية تفرض سياسات الأراضي التمييزية داخل إسرائيل أيضا".
تسيطر الدولة الإسرائيلية مباشرة على 93% من الأراضي، بما فيها القدس الشرقية المحتلة. "سلطة أراضي إسرائيل"، وهي مؤسسة حكومية، تدير هذه الأراضي التي تسيطر عليها الدولة وتوزعها. ينتسب نصف أعضاء مجلس إدارتها تقريبا إلى "الصندوق القومي اليهودي"، المفوَّض بشكل صريح بتطوير وتأجير الأراضي إلى اليهود دون أي فئة سكانيّة أخرى من السكان. يمتلك الصندوق 13% تقريبا من أراضي إسرائيل، والتي تُفوَّض الدولة باستخدامها "بغرض استيطان اليهود".
قارنت هيومن رايتس ووتش بين بلدات فلسطينية وأخرى يهودية أو ذات أغلبية يهودية مجاورة في ثلاثة من الأقسام الإدارية الستة في إسرائيل تحضيرا لهذا التقرير، وقابلت 25 شخصا بين مسؤولي بلديات وسلطات محلية حاليين وسابقين، وممثلين عن مجالس التخطيط المحلية، وسكان، ومخطِّطين. زارت هيومن رايتس ووتش أيضا جميع المواقع، وراجعت سجلات الأراضي والصور الجوية. تلقت هيومن رايتس ووتش ردا مفيدا من "إدارة التخطيط الإسرائيلية" بخصوص ما توصلت إليه أبحاثها.
منذ 1948، وعلى مر العقود اللاحقة، صادرت السلطات الإسرائيلية مئات آلاف الدونمات من أراضي الفلسطينيين صودر الجزء الأساسي منها بين بدء الحكم العسكري الإسرائيلي على معظم الفلسطينيين في 1949، وانتهائه في 1966. خلال هذه الفترة، حبست السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين في إسرائيل في عشرات المناطق المحصورة وقيّدت حركتهم بشدة. كما استخدمت العديد من القوانين العسكرية والقوانين الجديدة لمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين تحولوا إلى لاجئين أو مواطنين فلسطينيين مهجرين، عبر إعلان الأرض على أنها "أملاك غائبين"، والاستيلاء عليها ثم إعلانها تابعة للدولة. يقدّر مؤرخٌ أن 350 من أصل 370 بلدة وقرية يهودية أنشأتها الحكومة الإسرائيلية بين 1948 و1953 شُيِّدَت على أراضٍ مصادَرة من فلسطينيين.
لم تخفق سياسة الأراضي في السنوات الأخيرة في إبطال مصادرات الأراضي السابقة فحسب، بل زادت القيود في الكثير من الحالات على الأراضي المتاحة للنمو السكاني. سمحت الحكومة، منذ 1948، بإنشاء أكثر من 900 "بلدة يهودية"، دون أن تسمح بأي بلدة للفلسطينيين باستثناء قلة من القرى والبلدات الصغيرة التي تخضع لتخطيط الحكومة في النقب والجليل، ويدخل ذلك في جزء كبير منه في خطة الحكومة لتجميع البدو المتفرقين في البلاد.
أدرجت السلطات الإسرائيلية البلدات والقرى الفلسطينية ضمن نظام التخطيط المركزي في سبعينيات القرن الماضي، غير أن عملية التخطيط لم تزد كثيرا من الأراضي المتاحة للأبنية السكنية. صنّفت السلطات أجزاء كبيرة من البلدات والقرى الفلسطينية للاستخدام "الزراعي" أو مناطق "خضراء"، ومنعت المباني السكنية فيها، وشيّدت الطرقات والبنى التحتية بحيث تعيق التوسع. في 2003، وجد تقرير بتكليف من الحكومة الإسرائيلية أن "العديد من البلدات والقرى العربية محاطة بأراضٍ مصنّفة مناطق أمنية، أو مجالس إقليمية يهودية، أو حدائق وطنية ومحميات طبيعية، أو شوارع سريعة، ما يمنع أو يعيق إمكانية توسعها في المستقبل".
تخلق هذه القيود مشكلة الكثافة السكانية وكذلك أزمة سكن في البلدات الفلسطينية. يقدّر "المركز العربي للتخطيط البديل"، ومقره إسرائيل، أن بين 15 و20% من المنازل في البلدات والقرى الفلسطينية غير مرخصة، بعضها بسبب رفض طلبات أصحابها، وغيرها لأن أصحابها لم يقدموا طلبات لعلمهم أن السلطات سترفضها بحجة أنها مخالفة لتخصيص وجهة الأراضي الساري مفعوله. بحسب تقديرات المركز، يواجه بين 60 و70 ألف منزل خطر الهدم الكلي. أدخل تعديل في 2017 على "قانون التخطيط والبناء" الإسرائيلي للعام 1965، المعروف أيضا بـ "قانون كامينتس"، "يزيد ضبط وعقوبات مخالفات التخطيط والبناء". حتى يوليو/تموز 2015، كانت 97% من القرارات القضائية الإسرائيلية بالهدم بالقوة متعلقة ببُنى موجودة في بلدات فلسطينية.
ردا على أسئلة هيومن رايتس ووتش، نفت مسؤولة رفيعة في إدارة التخطيط الإسرائيلية أن تكون إسرائيل تضيّق على البلدات والقرى الفلسطينية. قالت إن الإدارة وافقت على مخططات وتحضر غيرها حاليا لـ 119 من أصل 132 بلدة فلسطينية. بحسب هذه المخططات، وافقت السلطات على 160 ألف وحدة سكنية في هذه المناطق بين 2012 و2019، منها 42 ألف في 2019، "وشرّعت آلاف البُنى الموجودة أصلا".
في حين أدت هذه الجهود إلى بعض التطوير العقاري لأغراض سكنية في بعض البلدات، ما يزال ينبغي فعل الكثير. فالعديد من المشاريع ينتظر الموافقة للتنفيذ، ولم تقم إدارة التخطيط إلا بالقليل، حتى يومنا، لتغيير واقع البلدات والقرى الفلسطينية التي تخضع للتضيق.
يسمح القانون الإسرائيلي لبلدات النقب والجليل (اللتين تضمان ثلثَيْ الأراضي الإسرائيلية) التي تحوي 400 وحدة سكنية كحد أقصى، بالإبقاء على لجان القبول التي يمكنها رفض طلب السكن فيها بسبب "عدم ملاءمة مقدمّه للحياة الاجتماعية فيها" أو عدم المواءمة مع "النسيج الاجتماعي الثقافي". تسمح هذه السلطات عمليا باستبعاد الفلسطينيين من البلدات اليهودية الصغيرة، وتقدّر منظمة "عدالة" الحقوقية أنها كانت تشكل في العام 2014 43% من جميع بلدات إسرائيل، وإن كانت هذه النسبة أقل من نسبتهم في الدولة. وجد يوسف جبارين، أكاديمي في "التخنيون - معهد إسرائيل التكنولوجي"، في دراسة في 2015، أن أكثر من 900 بلدة يهودية صغيرة، ومنها الكيبوتسات، في مختلف أنحاء إسرائيل يمكنها أن تحدد من يسكنها ولا تضم أي فلسطيني.
وثّقت هيومن رايتس ووتش في 2008 السياسات والممارسات الإسرائيلية التمييزية التي دفعت عشرات آلاف البدو الفلسطينيين في جنوب إسرائيل إلى العيش في تجمعات سكنية "غير معترف بها" وغير رسمية، حيث يواجهون خطر هدم منازلهم في أي لحظة. وفي 2010 وثقت التمييز في التخطيط في قرية فلسطينية قرب تل أبيب.
يحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان التمييز العرقي والإثني، ويدين "الفصل العنصري"، ويحمي الحق بالمسكن اللائق. يفرض "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، الذي صادقت عليه إسرائيل، على الدول أن تضمن سياسات وقوانين تؤمن تدريجيا الحق بالمسكن اللائق لجميع فئات المجتمع.قالت الهيئة المكلفة بتفسير العهد إنه "يجب ألا يخضع التمتع بهذا الحق... لأي شكل من أشكال التمييز"، وإنه "ينبغي أن يكون من الأهداف الرئيسية للسياسة العامة زيادة إمكانية الحصول على الأراضي لصالح قطاعات المجتمع الفقيرة أو التي لا تمتلك أية أراض".
لمعالجة أزمة السكن بين الفلسطينيين مواطني دولة إسرائيل، ومصادرة أراضي البلدات والقرى الفلسطينية )والتي تشكل ممارسة تاريخية(، على السلطات الإسرائيلية إعطاء الأولوية لحاجة الفلسطينيين إلى التوسع لدى تخصيص وجهة استعمال الأراضي. كما عليها تخصيص أراضٍ تابعة للدولة للبلدات الفلسطينية وتوسيع هذه البلدات، وسد الثغرات القانونية التي تتيح التمييز عبر لجان القبول.
قال غولدستين: "سياسات الأراضي الإسرائيلية تعامل البلدات داخل حدودها بغياب فاضح للمساواة، بناءً على ما إذا كان سكانها فلسطينيين أو يهود. بعد عقود من مصادرة أراضي الفلسطينيين، تحبسهم إسرائيل اليوم في بلدات مكتظة في حين تعزّز ازدهار البلدات اليهودية المجاورة التي تقصيهم".
رابط للتقرير الكامل في اللغة العربية
رابط للتقرير الكامل في اللغة العربية
https://www.hrw.org/ar/news/2020/05/12/341815