جعفر فرح- مدير مركز مساواة
لم تنتهِ المعركة على تخصيص الميزانيات الحكومية للجماهير العربية بالمصادقة على الميزانية يوم 19.11.2015 حيث يتم توزيع مليارات الشواقل خلال الأسابيع الاخيرة ضمن ما سيصرف في ميزانية 2015 وما سيتلوه من صرف بسنة 2016 حيث أقرت لجنة المالية خلال الاسبوعين الاخيرين تحويل 40 مليارد شيكل غالبيتها رصدت للجيش والمستوطنات. ويأتي قرار الحكومة اليوم ليعترف بالفجوات النابعة من التمييز الممنهج ويقترح أليات تكلفتها مليارات الشواقل لم تشملها ميزانية الدولة للعام 2016 .
تتجاور ميزانية العامين 2015-2016 الـ 800 مليار شيكل، وعلينا مواصلة الضغط على الحكومة والكنيست ومؤسساتها لتحصيل ميزانيات في مجال الاسكان والتعليم والتشغيل والمواصلات والخدمات التي تقدمها السلطات المحلية. ويعمل الطاقم الاقتصادي الاجتماعي في مركز مساواة على رصد التغييرات التي طرأت على الميزانية المصادق عليها ونشر المعلومات حولها للاستفادة منها.
دعم السلطات المحلية العربية
بعد التهديد في إضراب المدارس العربية يوم 1.9.2015، وافقت وزارة المالية ورئيس الحكومة على رصد 250 مليون شيكل لدعم ميزانية السلطات المحلية، وتم صرف 150 مليون شيكل منها خلال شهر أيلول الماضي وتم تخصيص 100 مليون في مجالات التطوير صرفت خلال الاسابيع الاخيرة. يجب أن نشير إلى أن الحكومة ووزارة الداخلية ترفض إلغاء التمييز في تخصيص هبات الموازنة. ومن المتوقع أن تحصل السلطات المحلية العربية على مليار شيكل من اصل 4 مليارد شيكل تصرف كهبات موازنة ترصد للسلطات المحلية الافقر.
التشغيل
لقد حصل تراجعًا ملحوظًا في مجال تحمل الحكومة لمسؤولياتها في مجال حل أزمة التشغيل بين النساء والشباب العرب. وعلى الرغم من أهمية إقامة مراكز التوجيه المهني والميزانيات التي رصدت لهذا المجال، إلا أن الحكومة ما زالت تتجاهل أزمة التشغيل في المجتمع العربي. ويكفي أن نراقب مئات الطلبات للعمل في مجال مساعدات في الحضانات، لنفهم حجم أزمة العمل خصوصًا بين الشباب والنساء. علينا تحميل مسؤولية التشغيل على الحكومة الإسرائيلية والقطاع الخاص، خصوصًا أن الضغط الأساسي يتحمله حاليًا رؤساء السلطات المحلية العربية.
المواصلات
تقاعست وزارة المواصلات خلال العام 2015 عن صرف 320 مليون شيكل خصصت في السنوات 2010-2014 للمجالس المحلية العربية في مجال تطوير الشوارع داخل البلدات العربية وبين البلدات. وعلى الرغم من التحسن في تشبيك البلدات العربية بالمواصلات العامة، إلا أن المكاتب الحكومية تعلم أن الفجوة ما زالت كبيرة. تملك الحكومة خطة متكاملة في هذا المجال ولكنها تتقاعس عن تنفيذها.
الفقر ومخصصات الأطفال
تشير كافة المعطيات إلى عمق الفقر لدى الجماهير العربية وخصوصًا بين الاطفال العرب: أكثر من نصف المجتمع العربي فقير وأكثر من 60% من الأطفال العرب فقراء، ناهيك على أن المواطنين العرب يشكلون 48,3% من الفقراء في إسرائيل رغم أنهم يشكلون أقل من 21% من المواطنين. بميزانية العامين 2015-2016 تم إقرار إعادة مخصصات الأطفال خلال الاشهر القريبة على النحو التالي: بين 150 شيكل (للولد الأول والخامس) وحتى 188 شيكل (للولد الثاني والثالث والرابع)، وبالإضافة لهذه المخصصات سيستثمر مبلغ شهري بقيمة 50 شاقل لكل ولد كاستثمار طويل الأمد.
وتم تخصيص موارد تصل الى حوالي 100 مليون شيكل لمتابعة قضايا الفقر وسيكون للسلطات المحلية العربية الحصة الكبرى، من خلال برنامج "نوشميم لرفاحا" وإقامة مراكز داعمة "عوتسما". نؤكد أن علاج الفقر يجب أن يعتمد على معالجة مشاكل الرفاه الاجتماعي والعمل والاسكان التي يعاني منها مجتمعنا العربي.
الاسكان
صادقت الحكومة والكنيست على خطة معالجة أزمة السكن في البلاد. وتشمل الخطة تغييرات قانونية ورصد موارد مالية من شأنها أن تساهم في حل بعض المشاكل. ونؤكد من خلال مراجعة القوانين التي صودق عليها والميزانيات المرصودة أن الحلول القائمة غير كافية لحجم الازمة في المجتمع العربي. وعلينا تكثيف الضغط في هذا المجال ودراسة التغييرات القانونية والميزانيات التي رصدت لهذا الموضوع.
الثقافة
نجح مركز مساواة وبالتعاون مع منتدى جمعيات الثقافة العربية وبتحصيل اكثر من 8.5 مليون شيكل إضافة لميزانية جمعيات الثقافة العربية والسلطات المحلية. ومن المتوقع أن تقرر محكمة العدل العليا خلال العام 2016 بالتماس مركز مساواة ولجنة رؤساء السلطات المحلية ضد وزارة الثقافة. وقد صادقت لجنة المالية البرلمانية وبضغط من اعضائها العرب د. احمد طيبي و د. باسل غطاس على تحويل 5 مليون شيكل اضافيات لهذا المجال.
التعليم
بدأت وزارة التعليم وفي أعقاب إلتماسات وتقارير صدرت عن المنظمة الدولية OECD بتغيير أسلوب تخصيص الميزانيات للمدارس في البلاد. وحصلت المدارس العربية على ساعات إضافية مما يحسن العملية التربوية. كما تطالب المؤسسات العربية وبينها لجنة الرؤساء ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي بزيادة الميزانيات المخصصة لبناء المدارس والروضات والحضانات اليومية. وعلى الرغم من حصول مجالس محلية عربية عديدة على مصادقات لبناء مدارس وحضانات يومية الا أن سياسة التخطيط الحكومية تمنعها من بناء الحضانات اليومية والمدارس. علينا بذل الجهود المركزة لمعالجة موضوع التخطيط لحل أزمة المدارس والحضانات العربية. وفي هذا السياق يجب تكثيف الجهود لحل أزمة التعليم في القرى غير المعترف فيها في النقب بشكل خاص. وتبقى قضية المدارس الأهلية قيد المفاوضات بين المؤسسات الكنسية التي تملك المدارس ووزارة المعارف إذ ستحصل المدارس على نحو 70 مليون شيكل كحل مؤقت لحين توقيع اتفاق جديد بين الكنائس ووزارات التربية والمالية.
التحسينات الضريبية للفرد
صادقت الكنيست خلال الاسابيع الاخيرة على تغيير معايير الافضليات الضريبية للمواطنين وشملت قرابة ال- 50 قرية ومدينة عربية بغالبيتها كانت مغيّبة في السابق. ويتمكن المواطن من خلال القانون الجديد أن يستعيد بين 7% - 15% مما يدفعه من ضرائب. وقد يصل المبلغ الذي سيحصل عليه المواطنين العرب نتيجة هذا التعديل الى اكثر من 200 مليون شيكل. وقد صودق على القانون بعد إلتماسات تقدمت فيها مؤسسات وسلطات محلية عربية في الشمال والنقب.
خطة وزارة المالية والمطالب التطويرية:
انتهت الخطط التطويرية التي صادقت عليها الحكومات السابقة وكشفت المفاوضات بين ممثلي الجماهير العربية ولجنة رؤساء السلطات المحلية العربية والطاقم الاقتصادي الاجتماعي بمركز مساواة عن دراسة أجرتها وزارة المالية ومكتب رئيس الحكومة تكشف فيها عن الفروقات العميقة بالميزانيات التي تؤدي إلى فجوة في التعليم والعمل وغيرها من المجالات. (תכנית מערכתית לשילוב כלכלי של החברה הערבית- באמצעות תיקון עיוותים במנגנוני ההקצאה הממשלתיים, אוגוסט 2015) .
وكان طاقم من سلطة التطوير الاقتصادي ووزارة المالية قد بدأ عام 2014 ببلورة الدراسة المذكورة والتي تشير الى فجوات هائلة كنا قد كشفنا عنها في السابق بتقارير صدرت عن مؤسسات مثل مركز مساواة وجمعيات عربية ويهودية زميلة مثل سيكوي والمركز العربي للتخطيط البديل ولجنة متابعة قضايا التعليم العربي. وقامت شركة "تاسك" والتي تم اختيارها من قبل الحكومة ببلورة وثيقة تبرهن عمق الفجوات وتقترح حلولا متنوعة. تجاهلت الخطة المذكورة مجالات الرفاه الاجتماعي والثقافة والسياحة والزراعة ولكنها أشارت الى أليات تمويلية مركزية تميز ضد العرب واقترحت تغييرها.
منذ تأجيل الاضراب القطري للمدارس العربية 1.9.2015 وحتى هذا اليوم وعلى الرغم من تعهد رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير الداخلية لم تقر الخطة وأصبح الحديث عنها مبهما من يوم ليوم خصوصا بعد ان قررت وزارة المالية عدم المصادقة عليها ضمن المصادقة على ميزانية الدولة. وفي غياب مصادر مالية واضحة من كتاب ميزانية الدولة أصبحت الخطة فكرة جميلة ينقصها الميزانيات وتعتمد على النية الحسنة لوزراء مثل وزراء الداخلية والاقتصاد المستقيلين ووزراء مثل يسرائيل كاتس، اوري اريئيل، ميري ريغب ووزير التعليم بينيت.
فيما يلي المجالات التي تتطرق اليها خطة وزارة المالية:
- السلطات المحلية والاستثمار في التطوير والخدمات.
- التعليم غير المنهجي.
- المواصلات العامة.
- التشغيل، التجارة والصناعة.
- الأمن الداخلي والعنف المجتمعي.
- الاسكان.
- الماء وشبكات الصرف الصحي.
- السياحة.
- الرياضة.
- الزراعة.
- تتطرق الخطة الى موضوع الخدمة المدنية على الرغم من موقف قيادة الجماهير العربية في هذا الموضوع وكانت محاولات لشمل شرقي القدس ضمن الخطة المذكورة.
تتجاهل خطة وزارة المالية ومكتب رئيس الحكومة قضايا جوهرية للمجتمع العربي تتعلق بالوضع الثقافي والاجتماعي والصحي ومنها:
- أزمة مؤسسات الثقافة والابداع. (انظر التماس مركز مساواة ولجنة رؤساء السلطات المحلية العربية ومسح الاحتياجات الذي تم تنفيذه في أعقاب الالتماس).
- القضايا الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع العربي واهمها قضية الفقر.
- الوضع الصحي المتدني والذي يصل الى نسبة عالية من وفاة الاطفال والامراض المزمنة.
يشار الى أن انعدام البنى التحتية والمخططات يمنع استغلال ميزانيات يحتاجها المجتمع العربي، حتى لو رصدت لصالح المجتمع العربي.
وقد قررت لجنة رؤساء السلطات المحلية وبتوصية من مركز مساواة وبالتعاون مع القائمة المشتركة، على تكثيف الضغط على الحكومة لبلورة قرار حكومي جديد يشمل خطة وزارة المالية وميزانيات تطويرية ضرورية في مجالات: الاسكان، البنى التحتية المرافقة للتطوير، دعم السلطات المحلية، اقامة المؤسسات العامة مثل المراكز الجماهيرية والثقافية.
وحذر مركز مساواة من محاولة بعض الوزراء تفتيت الجماهير العربية من خلال الاستفراد في العرب الدروز والعرب البدو في الشمال والعرب البدو في الجنوب.
يعتمد هذا المقال على مواد تم تطويرها من قبل مركز مساواة ولجنة رؤساء السلطات المحلية وبالتعاون مع الاقتصاديين اياد سنونو وعلاء غنطوس.